علي بن أبي طالب أمير المؤمنين
84- يا أمر بالقصاص .
عن ناجية القرشي عن أبيه قال : كنا قياماً على باب القصر إذ خر على علينا فلما رأيناه تنحينا هيبة له , فلما جاز صرنا خلفه , فبينما هو كذلك إذ نادى رجل : يا غوث يا لله , فإذا رجلان يقتتلان , فلكز صدر هذا وصدر هذا , ثم قال لهما : تنحيا , فقال أحدهما : يا أمير المؤمنين إن هذا اشترى مني شاة وقد شرطت عليه أن لا يعطيني مغموزاً ولا محذقاً – يعني الدراهم المعيبة – فأعطاني درهماً مغموزاً فردته عليه فلطمني , فقال للآخر : ما تقول : قال : صدق يا أمير المؤمنين قال : فأعطه شرطه , ثم قال للاطم : اجلس , وقال للملطوم : اقتص . قال : أو عفو يا أمير المؤمنين , قال : ذلك إليك , قال : فلما جاز الرجل , قال علي : يا معشر المسلمين خذوه . قال : فأخذوه فحمل على ظهر رجل كما يحمل صبيان الكتاب ثم ضرب خمس عشرة درة ثم قال : هذا نكال لما انتهكت من حرمته وفي رواية : هذا حق السلطان .
85- من أين لها هذا ؟
عن أبي رافع وقد كان خازناً لعلي رضي الله عنه على بيت المال , وقال :دخل يوماً وقد زينت ابنته , فرأى عليها لؤلؤة من بيت المال قد كان عرفها , فقال : من أين لها هذه ؟ لله عليّ أن أقطع يدها , قال : فلما رأيت جده في ذلك قلت : أنا والله يا أمير المؤمنين زينت بها ابنة أخي , ومن أين كانت تقدر عليها لو لم أعطها , فسكت .
86- يهودي يقاض عليّ أمير المؤمنين
قال شريح القاضي : لما توجه علي إلى حرب معاوية , افتقد درعاً له , فلما انقضت الحرب ورجع إلى الكوفة , أصاب الدرع في يد يهودي يبيعها في السوق فقال له : يا يهودي , هذا الدرع درعي , لم أبع ولم أهب , فقال اليهودي : درعي في يدي , فقال علي : نصير إلى القاضي , فتقدما إلى شريح , فجلس علي إلى جانب شريح وجلس اليهودي بين يديه , فقال شريح : قل يا أمير المؤمنين : فقال : نعم . أقول إن هذه الدرع التي في يد اليهودي درعي , لم أبع ولم أهب , فقال شريح : يا أمير المؤمنين بينة , قال : نعم قنبر والحسن والحسين يشهدون أن الدرع درعي , قال : شهادة الابن لا تجوز للأب . فقال : رجل من أهل الجنة لا تجوز شهادته ؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة )) فقال اليهودي : أمير المؤمنين قدمني إلى قاضيه , وقاضيه قضى عليه ؟ أشهد أن هذا هو الحق , أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله , وان الدرع درعك , كنت راكباً جملك الأورق وأنت متوجه إلى صفين فوقعت منك ليلاً فأخذتها . قال : أما إذا قلتها فهي لك وحمله على فرس , فرأيته وقد خرج فقاتل مع عليّ الشراة بالنهروان .
87- أول ما قاله
كان أول ما قاله أمير المؤمنين علي رضي الله عنه إثر توليه : إن هذا أمركم ليس لأحد فيه حق إلا من أمرتم , إلا أنه ليس لي أمر دونكم .
88- يحث الرعية على الأمر بالمعروف
كان يحث الناس في خلافته على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقد خطب ذات يوم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أيها الناس إنما هلك من هلك من قبلكم بركوبهم المعاصي ولم ينههم الربانيون والأحبار , فأخذتهم العقوبات , فمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر قبل أن ينزل ربكم مثل الذي نزل بهم , واعلموا أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يقطع رزقاً ولا يقرب أجلاً .
89- عدله بين العرب والعجم
دفع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب مرة طعاماً ودراهم بالتساوي إلى امرأتين إحداهما عربية , والثانية أعجمية , فاحتجت الأولى قائلة : إني والله امرأة من العرب وهذه من العجم , فأجابها علي : إني والله لا أحد لبني إسماعيل في هذا الفئ فضلاً على بني إسحاق .
90- المسلمون يبايعونه بالخلافة
روى أبو بكر الخلال إسناده إلى محمد ابن الحنيفة قال : كنت مع علي رحمه الله وعثمان محصر قال : فأتاه رجل فقال : إن أمير المؤمنين مقتول الساعة . قال : فقام علي ّ رحمه الله قال محمد : فأخذت بوسطه تخوفاً عليه فقال : خل لا أم لك , قال : فأتى على الدار , وقد قتل الرجل رحمه الله , فأتى داره فدخلها فأغلق بابه , فأتاه الناس فضربوا عليه الباب فدخلوا عليه فقالوا : إن هذا قد قتل , ولا بد للناس من خليفة ولا نعلم أحدا أحق بها منك فقال لهم عليّ : لا تريدوني فإني لكم وزيراً خير لكم أميراً , فقالوا : لا والله لا نعلم أحداً أحق بها منك , قال : فإني أبيتم عليّ فإن بيعتي لا تكون سراً , ولكن أخرج إلى المسجد فبايعه الناس .
91- أول خطبة بعد الخلافة
خرج علي في اليوم الذي بويع فيه وقد لبس ملابسه الكاملة .. ثم بعد أن حمد الله وأثنى عليه بين كل المحاولات التي بذلت معه وقال : أيها الناس , إن هذا أمركم ليس لأحد فيه حق إلا ما أمرتم , وقد افترقنا بالأمس على أمر , فإن شئتم قعدت لكم وإلا فلا أجد على أحد ثم رفع صوته قائلاً : رضيتم ؟ قالوا : نعم , قال : اللهم اشهد عليهم , وأقبل الناس يبايعونه وبعد أداة البيعة قال أمير المؤمنين :أيها الناس : إنكم بايعتموني على ما بايعتم عليه أصحابي , فإذا بايعتموني فلا خيار لكم عليّ وعلى الإمام الاستقامة وعلى الرعية التسليم .
92- جزاء المعصية
قال أمير المؤمنين علي رضي الله عنه : جزاء المعصية الوهن في العبادة والضيق في المعيشة والنقص في اللذة , قيل : وما النقص في اللذة ؟ قال : لا ينال شهوة حلالاً إلا جاءها ما ينغصه إياها .
وكان يقول : من كان يريد العز بلا عشيرة والنسل بلا كثرة والغنى بلا مال فليتحول من ذل المعصية إلى عز الطاعة .
93- علامات المرائي
قال علي بن أبي طالب : للمرائي ثلاث علامات : يكسل إذا كان وحده , وينشط إذا كان في الناس ويزيد في العمل إذا أثنى عليه وينقص إذا ذم به .
94- جولة تفقدية في السوق
عن الحر بن جرموز المرادي عن أبيه قال : رأيت علي بن أبي طالب يخرج من القصر وعليه قطريتان , إزاره لإلى نصف الساق , ورداؤه مشمر قريباً منه , ومعه الدرة يمشي في الأسواق ويأمرهم بتقوى الله وحسن البيع ويقول : أوفوا بالكيل والميزان .
95- سوق المسلمين كمصلى للمسلمين
قال الأصبغ بن نباتة : خرجت مع علي فقالوا : أهل السوق قد حازوا أمكنتهم . فقال : ليس ذلك لهم , سوق المسلمين كمصلى المسلمين , من سبق إلى شيء فهو له يومه حتى يدعه .
96- علي يصف الصحابة
قال أبو أراكة : صليت مع علي صلاة الفجر , فلما انفلت عن يمينه مكث كأن عليه كآبة , حتى إذا كانت الشمس على حائط المسجد قيد رمح صلى ركعتين ثم قلب يده فقال : والله لقد رأيت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم , فما أرى اليوم شيئاً يشبههم , لقد كانوا يصبحون صفراً شعثاً غبراً بين أعينهم أمثال ركب المعزى , قد باتوا لله سجداً وقياماً , يتلون كتاب الله , يتراوحون بين جباههم وأقدامهم , فإذا أصبحوا فذكروا الله مادوا كما تميد الشجر في يوم الريح هملت أعينهم حتى تبل ثيابهم , والله لكأن القوم باتوا غافلين , ثم نهض فما رئُى بعد ذلك مفتراً يضحك حتى قتله ابن ملجم عدو الله الفاسق .
97- إني لست كما تقول
عن أبي البختري قال : جاء رجل إلى عليّ فأثنى عليه وكان قد بلغه عنه أمر , فقال : إني لست كما تقول , وأنا فوق ما في نفسك .
أخوف ما أخاف عليكم
خطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب على منبر الكوفة , فحمد الله وأثنى عليه وقال: أيها الناس إن أخوف ما أخاف عليكم طول الأمل واتباع الهوى , فأما طول الأمل فينسي الآخرة , وأما إتباع الهوى فيصد عن الحق , ألا إن الدنيا قد ولت مدبرة والآخرة مقبلة , ولكل واحدة منهما بنون, فكونوا من أبناء الآخرة , ولا تكونوا من أبناء الدنيا , فإن اليوم عمل ولا حساب , وغداً حساب ولا عمل .
98- صفات خيار العباد
سئل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عن خيار العباد فقال: الذين إذا أحسنوا استبشروا , وإذا أساؤوا استغفروا , وإذا ابتلوا صبروا , وإذا غضبوا غفروا , ألا وإن لله عباداً كمن رأه أهل الجنة مخلدين , وأهل النار في النار معذبين , شرورهم مأمونة , وقلوبهم محزونة , أنفسهم عفيفة وحوائجهم خفيفة , صبروا أياماً قليلة لعقبى راحة طويلة , إذا رأيتهم في الليل , رأيتهم صافين أقدامهم تجرى دموعهم على خدودهم , يجأرون إلى الله في فكاك رقابهم وأما نهارهم فضلاء حلماء بررة أتقياء , كأنهم القداح , ينظر إليهم الناظر فيقول : مرض ومابهم من مرض وخولطوا , ولقد خالط القوم أمر عظيم .
99- إنكم لا تطيقونه
عن عاصم بن ضمرة قال: سألنا علياً عن تطوع النبي صلى الله عليه وسلم بالنهار فقال : إنكم لا تطيقونه. قال : قلنا ما أطقنا. قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم , إذا صلى الفجر أمهل , حتى إذا كانت الشمس من ههنا , يعني من قبل المشرق , مقدارها من صلاة العصر , من ههنا من قبل المغرب قام فصلى ركعتين , ثم يهمل حتى إذا كانت الشمس من ههنا يعني من قبل المشرق مقدارها من صلاة الظهر من ههنا , يعني من قبل المغرب قام فصلى أربعاً , وأربعاً قبل الظهر إذا زالت الشمس , وركعتين بعدها وأربعاً قبل العصر, يفصل بين كل ركعتين بالتسليم على الملائكة المقربين والنبيين ومن تبعهم من المؤمنين والمسلمين , قال : قال علي : تلك ست عشرة ركعة تطوع النبي بالنهار وقل من يداوم عليها.
100- بل أسافر ثقة في الله
لما أراد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن يسافر لقتال الخوارج عرض له منجم , فقال : يا أمير المؤمنين لا تسافر , فإن القمر في العقرب , فإنك إن سافرت والقمر في العقرب هزم أصحابك – أو كما قال – فقال علي: بل أسافر ثقة الله وتوكلاً على الله وتكذيباً لك , فسافر فبورك له في ذلك السفر , فقتل عامة الخوارج وجاء في رواية : فلما فرغ من النهروان ,حمد الله وأثنى عليه ثم قال : لو سرنا في الساعة التي أمرنا المنجم لقال الجهال الذين لايعلمون: سار في الساعة التي أمره بها المنجم فظفر.