أن يأتي وقت الامتحان وأنت غير مستعد له إلا بأوراق صغيرة تصورها من المكتبة بينما غيرك يسهر أليالي ويمضي الأيام وهو يذاكر ويجد ويجتهد سعيا في أخذ الدرجات بجده وتعبه فيصل إلى أهدافه وطموحاته بنما يسعى غيرة إلى النجاح بطرق غير مشروعة وبأقل جهد وتأتيه درجة النجاح على طبق من دهب فهذا هو الغش بعينه .
تعد مشكلةالغش من أخطر المشاكل التي يواجهها التعليم المدرسي وأوسعها تأثيراً على حياةالتلميذ والمجتمع حوله . وإننا نحث المعلم أو المرشد الطلابي أو أية إدارة مدرسيةعلى معالجة هذه المشكلة لدى أفراد التلاميذ و عدم تركهم لها إلا بعد التأكد منتخلصهم من تعود ظاهرة انتشار الغش في الامتحانات إلى انخفاض مستوى التحصيلالدراسي للطالب، والرغبة في النجاح بأية وسيلة، والرغبة في الحصول على درجاتمرتفعة، وعدم التركيز أثناء الشرح و الأتكالية والتكاسل وتقليد الزملاء، وعدمالاستعداد الجيد للامتحان والتهاون في تطبيق عقوبة الغش وتقارب المقاعد في صفوفالامتحان.
كما أن أغلب الامتحانات تقيس المستويات المعرفية البسيطة مثل التذكروالفهم، وتتجاهل المستويات العليا للتفكير كالتحليل والتركيب والتمييز والتقويم،والامتحانات بوصفها الحالي لها انعكاسات سلبية على العملية التعليمية بأكملها؛لأنها ترفع روح التنافس وتُشَجِّع الطلاب على الغش بدلاً من روح التعاون والبحثنظرًا لاعتمادها على الكتاب المقرر فقط، وتؤثر سلبًا على المعلم أيضًا لأنه يهملقياس المهارات الأخرى للطالب وتنميتها.. مثل: الملاحظة وسرعة البديهة.
مهماحاولنا أو حاول المسئولون في وزارة المعارف أن ينفوا وجود ظاهرة تسمى الغش الجماعيفالدراسات تثبت أنها موجودة، وأن لها سنوات تظهر فيها وسنوات أخرى تختفي فيها،لكنها - وإن بدأت تقل لأسباب كثيرة – ما زالت موجودة، وما يُضْبَط منها قليل جدًاخاصة في المدارس الأهلية وفي المدارس النائية في المدن البعيدة عن العاصمة التيتحكمها ضغوط كثيرة..
مقترحات تربوية وقائية
1. من الضروري على المعلم الكشف عنحالات التخلف الدراسي ، وصعوبات التعلم بصورة مبكرة قبل أن تتطور ويصحبها اضطراب فيالسلوك .
2. من الضروري على المعلمينوالمربين توجيه التلاميذ فيما يتعلق بعادات المذاكرة الجيدة ويمكن أن يتم ذلكبالتعاون مع الأسرة .
3. إن المعلم الناجحهو الذي يأخذ كافة احتياطاته ضد عملية الغش المحتملة بين تلامذته خلال الاختبارات .
ثانياً : توجيهات إرشادية منأجل استعداد التلميذ للمذاكرة ولأداء الاختبار
1. على التلميذ مراجعة المادة الدراسية دوريا وعلى مدارالعام الدراسي وأن لا تجعل المادة الدراسية تتراكم لفترة طويلة من الزمن دون مراجعة .
2. العمل على إعداد جدول منظم يحدد فيهالأوقات المناسبة للمذاكرة ، والتي تتناسب مع ظروف التلميذ الأسرية ، والمدرسية ،أوقات فراغ التلميذ .
3. على الأسرةوالوالدين العمل على توفير وسائل الراحة للتلميذ من أجل المذاكرة ، وإبعاد التلميذعن كل ما يشتت الذهن
4. يمكن للتلميذالبدء بدراسة المادة العلمية التي يحبها والأكثر أهمية والتي تحتاج إلى وقت وجهدوان يبدأ بتصفح المادة لأخذ فكرة ومن ثم يبدأ بالحفظ تدريجياً .
5. يمكن للتلميذ بعدمراجعة مادته الدراسية أن يبدأ بطرح بعض التساؤلات على نفسه ومحاولة الإجابة عنها .
علاج حالات الغش في الاختبارات المدرسية والجامعية(9) :
1. طريقة الإرشاد والتوجيه
فمن مهام المعلم إرشاد وتوجيه الطالب والنظر في جميعمشكلاته المدرسية والأسرية والصحية والاجتماعية وهذه مهمة المعلم المرشد ويمكن أنيقوم بها المعلم المربي أو الوالدين والهدف من هذه الطريقة هو جعل التلميذ الغاش ( أو المنحرف سلوكياً ) أكثر توافقاً مع مدرسته وأسرته ومجتمعه وحيث يتم جعل التلميذأكثر تفهماً ووعياً بمشكلاته ، مما يساعده على مواجهتها أو حلها .
2. طريقة التحليل النفسي المختصرة
لاحظ علماء النفس بان العلاج بواسطة التحليل النفسي بشكلعام مفيد عدا في مجال الأطفال دون عمر الثانية عشر ، وهذا الشكل من العلاج يتطلبخبرة وممارسة كما أن أساليب التحليل النفسي الكلاسيكي مفيدة لكنها تحتاج إلى وقتوهي طريقة طويلة وذات تكاليف كبيرة لذلك بعض علماء النفس وضعوا طريقة مختصرة وبسيطةللعلاج بواسطة التحليل النفسي ويهدف هذا الشكل من العلاج إلى الكشف عن حاجات المريضالعميقة الكامنة وراء السلوك المنحرف أو المكاسب الثانوية التي يسعى التلميذلتحقيقها من وراء سلوك الغش في الاختبارات مثل الانتقام من المعلم أو الانتقام منالمدرسة أو الأسرة القاسية أو من اجل لفت النظر إليه أو خشية التعرض لفشل دراسيوبالتالي يعمل الأخصائي على معالجة الأسباب بالتدريج .
3. العلاج النفسي الجماعي
يستخدم هذا العلاج عندما تكون ظاهرة الغش في الاختباراتمنتشرة بين تلاميذ الصف الواحد أو المدرسةالواحدة وفي هذا العلاج يتم جمع عدد منالتلاميذ في حدود (7ــ12) تلميذ ممن يشتبه بأنهم يحاولون الغش في اختباراتهم أو ممنضبطوا متلبسين بعملية الغش يجمعون في جلسة تستغرق
(90ــ120) دقيقة وتتراوح عدد الجلسات اللازمة لعلاج حالاتالغش وسطيا حوالي (3ــ10) جلسة علاجية ويشترط في العلاج النفسي تجانس أفراد الجماعةمن حيث المشكلة والجنس والعمر والصف
4. العلاج النفسي السلوكي
فكر علماء العلاج النفسي السلوكي في سبب تكوين ظاهرة الغشوفي كيفية تصحيحها أو إزالتها وفيما إذا كان بالإمكان بناء عادة صحيحة مكان العادةغير السوية وقد أجرى علماء الغرب العديد من التجارب وتوصلوا إلى عدة طرائق تساهم فيعلاج السلوك غير السوي من هذه الطرق طريقة العلاج التنفيري الذي يعتمد على تكوينفعل منعكس شرطي جديد وذلك على النحو التالي :
1) عوامل دافعة تدفع الفرد نحو سلوك الغش في الاختبار
مما يؤدي إلى النجاح والراحة وتحقيق الهدف
2) عوامل دافعة مع تشديد المراقبةفشل التلميذ في الغش مما يؤدي إلى عدم النجاح والإحساس بالفشل .
3) عوامل دافعة مواقف أدت إلى فشلسلوك الغش وعدم النجاح والإحساس بالفشل وتوقع العقوبة .
يلاحظ بان أسلوب الغش لم يفيدالتلميذ ول يحقق الهدف بل العكس أدى بالتلميذ إلى الإحساس بالألم والفشل وخيبةالأمل وبالتالي سنجد بأن هذا السلوك غير السوي سيتعرض لحالة انطفاء أو إلى الكف ولابد من متابعة ذلك حتى يتم التأكد من انطفاء سلوك الغش .
ويمكن أن يجد المعالج السلوكي بأنسبب الغش في الاختبار هو خوف التلميذ أو قلقه من الاختبارات وفي هذه الحالة علىالمعالج معالجة الأسباب المؤدية إلى قلق الامتحان وتؤدي بدورها إلى سلوك الغش وفيهذه الحالة يتم استخدام (طريقة الكف بالنقيض ) وفي هذه الطريقة يتم تدريب التلميذالذي يعاني من القلق والخوف من الاختبار وذلك على مواقف الاختبار قبل بدء الاختباربشهر تقريبا وتعريضه لموقف اختبار حقيقي أو إثارة موقف الاختبار في تصوراته وفيذهنه ويكون ذلك بعد أن يكون المعالج قد جمع البيانات عن التلميذ ومشاكله المتعلقةبالاختبار وعن طبيعة الاختبارات التي يخاف منها التلميذ وبالتالي علاجها .
5. العلاج البيئي والاجتماعي
يهدف العلاج البيئي ــ الاجتماعيإلى إعانة الفرد المريض على تحسين وظيفته في المجتمع عن طريق العلاقة المهنية بينالمعالج والفرد المريض وذلك بالتأثير في شخصيته وتعديل آثار البيئة السلبيةواستغلال مواردها بالشكل الصحيح وبمعنى آخر العلاج البيئي ـــ الاجتماعي يهدف فيمثل حالات إلى استعادة نشاط التلميذ الاجتماعي بشكل سوي ومتزن سواء داخل الأسرة أوداخل مجتمع المدرسة أو في إطار المجتمع الكبير خارج الأسرة والمدرسة .
وللعلاج البيئي ــالاجتماعي عدة أساليبمنها العلاج البيئي للآثار المادية والمعنوية الضارة في بيئة التلميذ ، والتييتفاعل معها تفاعلا غير سويا كما في حالة وجود ضغوط من الأسرة أو من الأبوين أو منالمدرس من اجل الاجتهاد والنجاح أو التفوق أو الحصول على درجات أعلى ..... الخ لذاكان من الضروري تعديل اتجاهات الأبوين أو المعلم أو الأصدقاء وقد يكون التلميذمنبوذا من أسرته أو من المعلم أو الأصدقاء مما يتطلب مقابلة هؤلاء وتعديل اتجاهاتهمنحو هذا التلميذ .
6. العلاج الانفعالي العقلاني ــ المعرفي
تعتبر هذه الطريقة في العلاج النفسيمن الطرق الحديثة والهامة والتي تم توصل إليها بعد تطور الاتجاهات النفسية العلاجيةوشمولية أو تكامل هذه الاتجاهات ظهرت هذه الطريقة بفضل جهود العالم ألبرت إليس وهذهالطريقة في العلاج لا تعتمد على مبادئ العلاج التحليلي النفسي مثل دراسة تاريخالحالة حتى الطفولة والاعتماد على مبدأ التحويل العاطفي والتداعي الحر وهذه الطريقةتعتمد بشكل كبير على دور الأفكار والمعتقدات في الاضطراب النفسي أو السلوكيواستمرارية هذا الاضطراب لهذا يمكن اعتبار طريقة البرت طريقة معرفية فكرية وهيطريقة تهتم بالعوامل البيئية وعوامل الوراثة والعوامل البيوكيميائية في تأثيراتهاعلى السلوك والعاطفة عند الإنسان ، وهكذا عندما نقول أن إنسانا ما مضطربا فان ذلكيشير إلى تفسيره أو تقويمه لموقف معين هو تفسير خاطئ وان هذا الاضطراب نتج عن سوءالتفسير أو التقويم وبالتالي تبع ذلك سلوكا غير سويا ، لهذا يرى البرت اليس أن هدفالعلاج العقلاني هو تعليم المريض أو العميل كيف أن تأويلاته ومعتقداته حول الموقفهي تأويلات ومعتقدات خاطئة ومن ثم إيصاله إلى التفسير أو المعتقد الصحيح حيالالمواقف أو المثيرات التي يتعرض إليها ويتم ذلك من خلال عدة مراحل أو خطوات يتبعهاالمعالج .
وفي العلاج الانفعالي ــ العقلانييقوم المعالج بمساعدة الفرد المريض على وعي أفكاره الخاطئة أو المضللة التي تقودهنحو السلوك غير السوي ( مثل الغش في الامتحان ) ، كما يقوم المعالج خلال مقابلاتهالتشخيصية والعلاجية بتزويد المريض بالتقنيات اللازمة والخبرات والمهارات التيتساعده في تبديل أفكاره ومعتقداته إزاء الامتحانات مثلا وسلوكه ومشاعره أو بكل مايرتبط بالمشكلات التي تفرزها مواقف الامتحانات .
7. العلاج الديني
وجد بعض علماء النفس أن التوجيهوالإرشاد الديني للفرد صاحب المشكلة غالبا ما يساهم في الحد من هذه المشكلةومواجهتها وخاصة إذا كان لهذه المشكلة جنبا أخلاقيا أو جانبا دينيا مثل مشكلة الغشفي الاختبارات ،كما أن الدين له أثره الواضح في النمو النفسي وفي الصحة النفسيةوالفكرية والاجتماعية لدى الفرد والتعاليم الدينية عندما تتغلغل في النفس تدفعالفرد إلى السلوك الإيجابي كما أنها تساعد الفرد على الإحساس بالأمن والطمأنينةوالاستقرار كما يمكن النظر إلى الدين كأحد أبعاد الشخصية وان يتناول جميع أبعادحياة الفرد وسواء كان الاتجاه نحو الدين موجبا أو سالبا فان الدين يعتبر قوى دافعةللفرد .
ولا شك أن الإيمان بالله والعملبتعاليم الإسلام يجعلان الفرد يسير في السلوك الصحيح ووفقا لهذه التعاليم ،والإنسان المؤمن هو الذي يكون صادقا وواثقا من نفسه وأمينا ومخلصا ومهذبا وخلوقا لايكذب ولا يغش ولا يخون .
ومن الطبيعي أنتوجيه التلاميذ توجيها دينيا صحيحا ومقابلة الطالب الذي يسلك الغش في اختباراتهوتوعية أو إرشاده دينيا بهدف تقوية الإحساس لديه بالإيمان والصدق وبتعاليم الإسلاموبناء أفكار واتجاهات الإنسان المسلم لديه ، وبالاعتماد على المنهج العقلي والمنطقييؤدي بهذا الطالب إلى الالتزام بتعاليم الدين والبعد عن الغش ومقته وتحريره منمشاعر القلق والخوف
ويرى الإمام الغزالي بأن العلاجالديني له أركان ثلاثة هي العلم بالذنب أو الخطأ المخالف لأمر الله والإحساس بهذاالذنب أو الخطأ وفعل هو طلب التوبة وترك الذنب
وبعد ذلك تعمل عملية التوجيه والإرشاد الديني على إكسابالتلميذ اتجاهات وقيما جديدة ويصبح التلميذ اكثر تقبلا للآخرين ولذاته ولموقفالاختبارات ، وقادرا على ضبط نفسه والقيام بواجباته المدرسية وغير المدرسية علىاحسن وجه ممكن وتتكون لديه عادات حميدة والرضا النفسي هو أساس التربية الأخلاقية فينظر الإسلام
ويرى علماء الدين الإسلامي أمثالالغزالي ، وابن سينا ، والرازي ، وغيرهم بأن أساس العلاج الديني لأمراض النفس هوالإحساس بالخير والرضا والنية الخيرة ، ولأن من ينوي سلوك الشر فإنه لا يشعر بالخيرأو الرضا يقول الله تعالى :
( فترى الذينفي قلوبهم مرض ) ( سورة النور ) وقوله تعالى : ( وارتابت قلوبهم فهم في ريب يترددون ) ( سورة المائدة ) ويقول تعالى أيضاً : ( في قلوبهم مرض فزادهم رجساً إلى رجسهم ) (سورة التوبة )
ويرى هؤلاء بأن النيةالخيرة تدفع الفرد نحو فعل الخيرات والكف عن جميع الشرور وذلك لأن الإحساس بخيريةالذات لا يأتي الإنسان إذا لم يفعل الخير وبإرادة خيرة ، وأهم ما ينمي ذلك لدىالفرد هو غرس وحساسية في الوجدان ، وخشية مستمرة من الذنب ، وتقوى الله هي نبعالفضائل الاجتماعية ومصدر السلوك السليم وهي الوسيلة الأولى في توافق الفرد المؤمنمع ذاته ومع الآخرين
لينال رضا الله فيالدنيا والآخرة ( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب )
وقوام التقوى في الإسلام القدرة علىالعطاء والإنجاز والعمل ، فالإنسان المؤمن منتج ومنجز وإيجابي
فهذه هي المحاور الرئيسية للعلاج الإرشادي الديني التينهجها المسلمين في مواجهة الخطأ والانحراف .
وأخيرا نحن نعلم أن الغش هو أحد عوامل ضعفالتنشئة الأسرية التربوية ، وعدم نمو الوجدان ، أو الضمير
لدى التلميذ الغاش ، مع ضعف فيالإيمان وعدم الالتزام بتعاليم الإسلام وما جاء على لسان الرسول
( صلى الله عليه وسلم ) مع علمنابأن سلوك الغش هو سلوك مرفوض اجتماعياً ، ودينياً ، وأخلاقياً ،
ونحن نعلم أن التربية الدينيةالصالحة والالتزام بأخلاقيات الدين الإسلامي تجعل الفرد ينبذ الغش ، أو الكذب ، أوالسرقة ، أو التزييف أو ما شابه ذلك ....
لذلك يجب علينا اتباع تعاليمالإسلام والابتعاد عن كل ما فيه غش وخداع لأن الغاش أول ما يخدع نفسه لأنه يعلم أنما حصل عليه كان بالخداع والغش
قال رسول الله عليه الصلاة والسلام ) من غشنا فليس منا .(