إن مما اتفق عليه العلماء أن اللغة العربية الفصحى من شعائر الإسلام،ولكن قلما تجد من يتحدث باللغة العربية الفصيحة،فلقد انتشرت اللهجة العامية بين الناس بشكل مخيف مما يجعلك تشك في استمرار هذه اللغة في الأجيال القادمة،إن اللغة العربية كانت في السابق محببة للنفس ،ميسرة للتذوق والتعلم والاستخدام،ومع سيطرة اللغة الأجنبية واللغة العامية على تفكير المجتمعات الإسلامية وضع عقبات أمام المتعلمين من شباب وأطفال من أبناء المسلمين سواء في تحدثهم أو دراستهم للغة العربية،يضاف إلى ذلك أن من بين أفراد مجتمعنا من تخلى عن اللغة العربية مدّعيا صعوبتها ادعاء لا يقوم على أساس.
ملايين من المسلمين لا يعرفون اللغة العربية ،فقد أصبحت لغات أخرى غير العربية لغتهم الرسمية،ولكن الذي يسهل الأمر أن هذه اللغة لغة تكفل الله جل وعلا بحفظها قال تعالى
إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) ، ومما يثلج الصدر ارتباط اللغة العربية بالإيمان وبالإسلام،فما زالت القلوب المؤمنة تخفق بايمانها وإن كانت ألسنتها قد عجمت، ولكن لا بد أن تلتقي الجهود على هذا الأمر وعلى غيره من قضايا المسلمين ،فاللغة العربية - كسائر اللغات - انبثقت في أول مراحل تكوينها من لغة آدم عليه السلام كما جاء في قوله عزوجل
وعلم آدم الأسماء كلها) ، وكان من فضل الله على الإنسان أن علمه البيان كما علمه القرآن لقوله عزوجل
الرحمن*علم القرآن*خلق الإنسان*علمه البيان)،وإذا كان لكل لغة نعرفها اليوم تاريخ خاص فاللغة العربية أيضا لها تاريخ خاص ومتميز،فإذا قلنا إن أول أمرها كان مثل سائر اللغات انبثقت من لغة آدم عليه السلام ثم تطورت حتى أصبحت اللغة العربية على لسان إسماعيل عليه الصلاة والسلام،فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
أول من فتق لسانه بالعربية المبينة إسماعيل وهو ابن أربع عشرة سنة)،وكذلك لم تعد اللغة العربية لغة قوم واحدٍ ولكنها أصبحت لغة الرسالة الممتدة للبشرية كلها،وعندما انطلق المسلمون بفتوحاتهم نبغ من أبناء هذه الشعوب علماء وأدباء وشعراء في اللغة العربية.
ومما يدل على أن اللغة العربية كانت لها مكانة عظمى في السابق أن الرجل كان يتفاخر أمام جلسائه بأن ابنه يتقن اللغة العربية،ومع ذلك نؤكد أنه مع الاعتماد على السماع والتدريب على التحدث بالفصحى لا بد أن يصاحب ذلك دراسة قواعد اللغة العربية نحوها وصرفها وبيانها وبلاغتها بأسلوب مشوق وسهل،ولا ننسى قول عمر رضي الله عنه
تعلموا النحو كما تتعلمون السنن والفرائض)وأيضا قوله
تعلموا إعراب القرآن كما تتعلمون حفظه) والله نسأله التوفيق.
عمران حافظ
سادس-A