وهى من أسوأ المفتريات على محمد صلى الله عليه وسلم الذى قال ربه عز وجل عنه: (وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحى يوحى ) (1).
لكن الحقد حين يتمكن من قلوب الحاقدين يدفعهم إلى المنكر من القول ومن الزور ، حتى إنهم ليتجرأون على قولٍ لا يقبله عقل عاقل ، ولا يجرؤ على مثله إلا المفترون.
فى هذه المقولة زعموا أنه حين كان ينزل عليه الوحى بالآيات التي أثبت العلم الحديث المعاصر أنها من أبرز آيات الإعجاز العلمى فى القرآن فيما تتصل بمراحل خلق الإنسان من سلالة من طين ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلّقة وغير مخلقة ثم يكون إنشاؤه خلقًا آخر..
زعموا أن كاتب وحيه قال مادحًا مَنْ هذا خلقه
تبارك الله أحسن الخالقين ) (2).
ثم أفرطوا فى زعمهم فقالوا إن محمدًا صلى الله عليه وسلم قال له: اكتبها فهكذا نزلت علىّ.. ؟!
وهنا لابد من وقفة:
فأولاً: مما هو ثابت أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان إذا نزل عليه الوحى يأخذ العرق يتصبب من جسده ويكون فى غيبة عمن حوله.. فإذا انقضى الوحى أخذ فى ذكر وتلاوة ما نزل عليه من القرآن ، وهذا ما تقرره كل كتب السيرة.
ثانياً: معنى ما سبق أنه صلى الله عليه وسلم لا يأخذ فى الإملاء على كاتب وحيه إلا بعد اكتمال نزول الوحى واكتمال نزول الآيات المتعلقة بمراحل خلق الإنسان فى سورة " المؤمنون ".
ثالثًا: وبهذا يتضح كذب المقولة أن كاتب وحيه صلى الله عليه وسلم هو الذى أملاها عليه وأنه أمر بإثباتها.
رابعًا: أن لفظة " تبارك الله " تكررت فى القرآن الكريم تسع مرات ، تلتقى جميعها فى مواضع يكون الحديث فيها عن قدرة الخالق فيما خلق من مثل قوله تعالى:
(ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين ) (3).
(تبارك الذى نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرًا) (4). (تبارك الذى جعل فى السماء بروجا وجعل فيها سراجًا وقمرًا منيرًا) (5).
(تبارك الذى له ملك السموات والأرض وما بينهما ) (6).
(تبارك الذى بيده الملك وهو على كل شىء قدير ) (7).
فلماذا تعلم محمد صلى الله عليه وسلم من كاتب وحيه آية " المؤمنون " دون غيرها مما جاء فى بقية السور ؟!!
-----------------------
(1) النجم: 3ـ4.
(2) المؤمنون: 14.
(3) الأعراف: 55.
(4) الفرقان: 1.
(5) الفرقان: 61.
(6) الزخرف: 85.
(7) الملك: 1.